الجمعة، 1 مارس 2013

Dan Meyer


دان ماير, درَّس الرياضايات لمدة ست سنوات لطلاب الثانوية, والان يحضر لرسالة الدوكتوراة بجامعة ستانفورد













دان ماير والرياضيات الجديد

يشرح لهم الدرس ويلتفت ليرى على وجوههم نظرات مختلفة: فمنهم من هو مستفهم وكأنه لم يعِ من الدرس شيءًا, ومنهم من هو غير مكترث ولسان حاله يقول: متى سأحتاج هذا القانون في حياتي؟ والقلة الباقية من الطلاب, والذين فهموا الدرس, متعجلين ليحصلوا على المعطيات والمعادلة ليطبقوها وينتهوا بسرعة. اعتبر دان ماير هذا نقصًا منه, فكأنه يبيع منتجًا على أناس لا يرغبون به. اكتشف ماير أن لدى طلابه قلة صبر وتعجل في حل المسائل الرياضة, يرغبون في كون كل شيء من معادلة ومعطيات ورسم بياني معطىً لهم, وما إن يتغير أسلوب السؤال قليلًا حتى يبدأوا بالاحتجاج والصياح بأنهم لا يستطيعون حله. اكتشف أيضًا أن الكتب والمناهج تعينهم على ذلك, فالطالب يستطيع النجاح في مادتي الرياضيات والفيزياء وغيرها من غير أن يكون لديه حس رياضي ومنطقي, فالكتاب يقدم له ما يحتاجه من المعلومات على طبق من ذهب, وإن لم يتمكن من فهم السؤال فالكتاب يدله على المسائل المحلولة المطابقة تقريبًا لطريقة السؤال المعطى. في الحياة الواقعية لا تتوفر لنا كل المعطيات والمعلومات, بل علينا أن نجدها بأنفسنا ونحللها, ونحتاج للقيام بذلك مهارات المنطق الرياضي والصبر على حل المسائل. مدركًا هذه الحقيقة قرر دان ماير أن يغير من أساليبه ليخلق لدى طلابه هذه المهارات, لأنه في النهاية سيتقاعد في عالم يديره هؤلاء الطلاب.

أسلوب دان ماير الجديد يقوم أساسه على أن يعطي المدرسين طلابهم أقل مقدار من المعلومات, ويسألوا أقصر الأسئلة. فبدلا من أن يكون السؤال بهذه الصيغة:
"خزان ماء له شكل ثماني منتظم. طول ضلع القاعدة 11.9 سم, وارتفاعه 36 سم.
أ) أوجد مساحة القاعدة.
ب)أوجد حجم هذا الخزان.
ج)لو عبأت هذا الخزان بمعدل 1.8 أوقية\دقيقة , فكم من الوقت تحتاج حتى يمتلء الخزان بأكمله؟"

يصبح السؤال ببساطة " كم من الوقت تحتاجه لملء هذا الخزان كاملًا بالماء؟". وبدلا من ترك الطلاب ليتخيلوا شكل الخزان, يقوم ماير بتصوير مقطع فيديو لشخص يملأ خزانًا بالماء. بهذه الطريقة يقوم جميع الطلاب بالتفكير فيما يحتاجونه من المعلومات ليحلوا هذه المسألة, ويصبح لهم دور فعال في عملية تكوين السؤال, ويعتمدون على أنفسهم في تكوين الخطوات الفرعية عوضًا عن أن تكون جاهزة لديهم. باستخدامه للوسائط المتعددة, كالصور ومقاطع الفيديو, استطاع ماير أن يوضح لطلابه كيفية استخدام المفاهيم الرياضية في الحياة الواقعية, فلم يعودوا يتذمرون من عدم استفادتهم من هذه المادة, وغدوا مهتمين بحل ما يطرح عليهم من المسائل من دون تعجل وجزع, بل بتأنٍ ومنطق. رأى ماير الكثير من التقبل لدى طلابه, فيقول:" لم نعد متخوفين من المسائل الكلامية لأننا أعدنا تعريف ماهية المسائل الكلامية." مما شجعه على إنشاء مدونة على الانترنت ينشر فيها المسائل التي يعرضها على طلابه, ويشارك العالم بالصور ومقاطع الفيديو ليستفيد منها الطلاب والمعلمين في أنحاء العالم, وهو في كل يوم يحصل على نتائج وردود فعل تشجعه على المضي قدمًا.
مثال لأحد الأسئلة التي غيرها ماير.

يقول ألبرت آينشتاين "صياغة المشكلة في كثير من الأحيان أكثر أهمية من حلها، والذي قد يكون مجرد مسألة مهارات رياضية أو تجريبية." المناهج الدراسية حول العالم في الوقت الحالي لا تخلق مفكرين وصناع مسائل, بل تخلق حفاظًأ لقوانين وأساليب قديمة, وأشخاصًا متعجلين لإنهاء المشاكل وغير مستعدين لتحليلها بمنطق وتروّي. لن نتمكن من تغيير هذا الوضع بين ليلة وضحاها, وشخص واحد كدان ماير لا يكفي لخلق عالم مفكر. نحتاج إلى ألف شخص مثله لنمضي في طريق الألف ميل.

المصادر:
تعريف عن دان ماير على موقع TED



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق